الأربعاء، 17 نوفمبر 2010

البوليمر الطبيعى المعالج فى مجال الأشغال الفنية

يعد الاتصال بين العلوم والفنون أساس لكثير من الاتجاهات الفنية الحديثة، لإنشاء فكر ثقافي مشترك يعتمد على توجيه فكرى لنظريات علمية وفلسفية حديثة، أثرت بدورها على الفنون التطبيقية، وطرق صياغتها الشكلية، والتي استفاد منها الفنان حيث جمع بين الطبيعة وأساليب التشكيل المختلقة معتمدا على عمليتي التجريب والابتكار لمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي "وقد ظهر التجريب منذ العصر البدائي فيما قبل التاريخ باستخدام خامات التربة وعصارة النباتات وعظام الحيوانات "([1]).

ويشير البسيونى "أن التجريب هو اختيار فكرة معينة يفترض صحتها مقدما توضع موضع الاختبار والتجريب، مع الملاحظة الدقيقة للنتائج ثم استنباط تعميمات يمكن تطبيقها في مواقف مختلفة"([2]).

وقد تركز اهتمام الفنان حديثا بالبحث في أشكال الطبيعة اللانهائية لاستخلاص مواقع الجمال، وتوظيفها جماليا ونفعيا غير متقيد بالخامات التقليدية بل اعتمد على أسلوبه باكتشاف خامات جديدة مع إظهار فوائد وتجارب تظهر إمكانية الخامات المتوافرة من حوله.

ومجال التربية الفنية واحدا من أكثر المجالات المناسبة لاستخدام المنهج التجريبي حيث أهميته البالغة وارتباطه بفلسفة العصر، لذلك اتجه الفنانون للتجريب حيث إدراك العلاقات التشكيلية الجديدة وما تحتويه من رؤى فنية جديدة للأدوات والخامات والتقنيات، ومجال الأشغال الفنية كأحد أهم مجالات التربية الفنية الذي يؤكد على عمليات التجريب بالخامات والتقنيات المختلفة وكذلك البحث عن الخامات والبدائل المستحدثة لمعالجة أسطح المشغولات الفنية لتهيئة المجال إمام التخيل والإبداع وصولا لصياغات تشكيلية جديدة في الفن .

ويذكر جون ديوى J.Dewey عن الخامة "تعتبر مصدر من مصادر الثروة، ووسيلة من وسائل التعبير والإنتاج الوظيفي فهي تظل بعيدة عن الأنظار غير مدرك أهميتها ولم تلمسها يد الفنان الذي يعيد توظيفها في صياغات جديدة وبجهد ابداعى في تشكيلها حتى تصبح بمثابة الجوهر الحقيقي للعمل الفني "([3]).

ومع التطور الصناعي أصبح للخامات المستحدثة أو ما يسمى بالخامات المخلقة Synthetic Materials أشكالا متعددة على هيئة مساحيق، سوائل، عجائن، وألواح مما دفع الباحثة للتجريب بخامة الغراء الحيوانى Animal Glue (احد البوليمرات الطبيعية) والمقتصر استخدامها منذ العصر الفرعوني كمادة لاصقة للأخشاب ،حيث إمكانية إستخدامها كبديل مستحدث من خامة تقليدية يمكن أن تثرى سطح المشغولة الفنية عن طريق فتح آفاق جديدة للتجريب وإعادة اكتشاف الخامة بإمكاناتها التشكيلية المتعددة .

ويؤكد البسيونى على انه "يستطيع الفنان الممارس أن يبتكر أدواته وان يجدد من تقنياته من خلال تطلعه وإمكانياته الإبداعية الخاصة وكلما سار الفنان في طريق الإبداع تكيفت تقنياته بما يتناسب مع إبداعه وشخصيته وهذا هو التوجه الأصيل في الفن الحديث "([4])، ومن خلال ممارسة الباحثة داخل مجال الأشغال الفنية وجدت إمكانية إعادة تشكيل وتوظيف خامة الغراء" البوليمر الطبيعي " المعالج برؤية مستحدثه تتناسب وإثراء مجال الأشغال الفنية لما له من خصائص:-

1. توافر الخامة وإقتصار استخدامها كمادة لاصقة.

2. تميزها بالمرونة عند التسخين مما يسهل تشكيلها وتقبل عمليات الحذف والإضافة والثني.

3. الشفافية وسهولة التلوين بجميع أنواع الألوان المختلفة المتوافر في الأسواق كألوان (الصبغات الشفافة، الملونات، المخضبات، والصبغات بأنواعها) وبذلك تتيح لممارس الأشغال الفنية الحصول على ثراء لونى واسع النطاق لا يتحقق في ظل إرتفاع أسعار الخامات الطبيعية والصناعية.

4. لا تتأثر عند تعرضها للهواء والشمس مما يجعلها تحتفظ بكل خواصها مهما طال زمن التخزين مما يجعل الفاقد من الخامة أثناء عملية تشكيلها محدودا.SIF_3194 SIF_3204

5. تقبل الخامة مختلف أساليب التشكيل في حالة اللدونه قبل جفافها (الضغط في قوالب ،الحبال، الحذف الإضافة...) وكذلك بعد جفافها تقبل التشكيل (التفريغ، التلوين، الحرق، الكشط، التدكيك، الحياكة التطريز،...)

6. تتمتع بخصائص تشكيلية مميزة مما يتيح فرص لعمل تكرارات لتصميمات منفذة بسمك وألوان مختلقة.SIF_3160

7. تتميز بالصلابة وقوة التماسك حتى يمكن استخدامها بفراغات العمل الفني أو في تجميع أجزاؤه المختلفة.

8. رخص سعر البوليمر الطبيعي( الغراء الجيلاتينى) ووفرته و أمان إستخدامه في أي مكان حتى بالمنزل وبأيسر الطرق المعروفة مما يجعلها خامة مناسبة بدرجة كبيرة للعملية التعليمية بجميع مراحلها المختلفة وداخل كلية التربية الفنية.

ومما سبق يتضح أن خامة البوليمر الطبيعي من الخامات التي يمكن استخدامها في مجال الفن التشكيلي عامة، ومجال الأشغال الفنية خاصة للمساهمه

في تحقيق أبعاداً جمالية وفنية جديدة في هذا المجال ، وكمحاولة للإستفادة من خامة البوليمر الSIF_3277 طبيعي المعالج ومعرفة خصائصه التشكيلية، SIF_3211


(1) R.Tom Linson1948،: "The Arts" Odhams Press, LTD London, P161.

([2]) محمود البسيونى، 1989:"مبادئ التربية الفنية"، ط3، دار المعارف، القاهرة ، ص195

([3]) جون ديوى، 1963: "الفن خبرة"، ترجمة :زكريا إبراهيم، دار التنمية العربية، القاهرة، ص234.

([4]) محمود البسيونى، 1983: "الفن في القرن العشرين"، دار المعارف، القاهرة، ص21.

DSC02561

هناك تعليق واحد:

  1. كم هي رائعة تلك الحياة التى تجعلنا نشعر بإبداع الأخر وكم هو جميل أن يكون هذا الإبداع بلا حدود .

    ردحذف